القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
84660 مشاهدة
استحضار تقوى الله عز وجل

...............................................................................


فيقول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث يقول فيه: اتقِ الله حيثما كنت أي في كل حالاتك في كل أحوالك، وفي كل مجتمعاتك استحضر تقوى الله تعالى فاتَّقِ الله في حال رضاك، واتقِ الله في حال غضبك، واتق الله في غناك وفي فقرك، واتق الله في سرك وفي جهرك، واتق الله في وحدانيتك وفي اجتماعك وفي افتراقك وفي أنسك وفي جميع حالاتك، واتقِ الله قائما، واتقِ الله جالسا، واتقِ الله مضطجعا، واتق الله راكبا، واتق الله ماشيا في جميع حالاتك استحضر تقوى الله تعالى.
وكيف تستحضر ذلك؟ تستحضر عظمة الله وتستحضر كبرياءه وجلاله، وتستحضر عقوبته وشدة غضبه، وتستحضر انتقامه من الذين ينتقم منهم ويعاقبهم ويعذبهم العذاب الشديد، تستحضر أنه سبحانه وتعالى شديد العقاب، ولا شك أن من استحضر ذلك فإنه يتقي الله أي: يتقي غضب الله وعقوبته.
وأما عطف بعض الأعمال على التقوى مثل قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى فإنهما متقاربان البر والتقوى، ومع ذلك يذكر بعض العلماء أن البر إذا اجتمع مع التقوى، البر هو فعل الطاعات، والتقوى ترك المحرمات.
ولا شك أن هذا واقع أن الإنسان؛ إذا أراد أن يكون من الأبرار فإنه يعمل الصالحات والطاعات ليلحق بالأبرار، وإذا أراد أن يكون من المتقين فإنه يتوقى المحرمات يتوقاها ويحذرها ويبتعد عنها، يتوقى سخط الله تعالى الذي يحصل بسببه المحرمات وفعل أو أكل الحرام وفعل الفواحش، وما أشبه ذلك فإنه يقي نفسه ذلك.
النفس بلا شك تندفع إلى المحرمات تندفع إلى فعل الفواحش وما أشبهها فتندفع بطبعها إلى فعل الفواحش كفعل الزنا أو مقدماته، وتندفع إلى سماع الغناء والطرب، وتندفع إلى أكل الحرام إلى أكل المال الحرام إلى الغصب وإلى أكل الرشا، وما أشبه ذلك من الأموال المحرمة وما أشبه ذلك.
فإذا استولى الإنسان على نفسه وقهرها كان ذلك علامة التقوى عرف بذلك أنه من المتقين حقا أنه من أهل التقوى؛ أي وقى نفسه وجعل بينها وبين الشرور وقاية وحاجزا قويا حاجزا منيعا هو مخافة العذاب كأنه يقول: إن ربنا سبحانه وتعالى إذا غضب فإنه ينتقم من عباده الذين عصوه والذين خالفوا أمره، وإذا أطاعوه فإنه يثيبهم كما ورد في حديث أن الله تعالى يقول: إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت وليس لبركتي نهاية، وإذا عصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد.